Saturday 16 July 2011

رسالة مفتوحة إلى المشير طنطاوى


رسالة مفتوحة إلى المشير طنطاوى
هانى عياد  
«القوات المسلحة لن تسمح بالقفز على السلطة أو تجاوز الشرعية»
عفوا سيادة المشير ومعذرة، فهذا بالنص ما جاء فى بيانكم الأخير (12 يوليو 2011)، لكن الأمر بدا ملتبسا، عندى على الأقل، فلم أعرف عن أية شرعية تتحدثون؟ ربما التبس الأمر عندكم أيضا، فقد توليتم إدارة شئون البلاد بتكليف من الرئيس المخلوع، وبموافقة من الشعب، فهل انتم تحكمون البلاد الآن بشرعية «التكليف الرئاسى»؟ أم بشرعية «موافقة الشعب» أى «شرعية الثورة»؟ هذا سؤال لا يحتمل الانتظار، ولا يقبل التردد، ولا يعرف أنصاف الحلول.
سوف نتجاوز عن لغة التهديد والوعيد، التى اتسم بها بيانكم الأخير، والتى أعادتنا إلى أجواء ما قبل 25 يناير، وأظنكم تدركون تماما أنها (بعد 25 يناير) فقدت جدواها وتأثيرها ولم تعد تخيف أحدا، وسوف نتجاوز عن عشرات الدلائل والمؤشرات التى تؤكد أنكم إنما تسيرون، بأمانة، على شرعية «التكليف الرئاسى»، وسوف نتجاوز عما ورد فى بيانكم من تحريض واضح لمن أسميتموهم «الشرفاء» على «الوقوف ضد المظاهر التي تعوق عودة الحياة الطبيعية للمواطنين»، دون أن يعرف أحد من هم هؤلاء «الشرفاء» الذين تقصدونهم، وما إذا كانوا هم أنفسهم «أبطال» موقعة الجمل الذين حاولوا سابقا «الوقوف ضد المظاهر التى تعوق عودة الحياة الطبيعية للمواطنين»؟ أم هم «الفلول» و«مثيرو الفتن» الذين يحذرنا منهم مجلسكم كل يوم، دون أن يتكرم بإلقاء القبض على أى منهم، وكأنه يدخرهم لمثل هذا اليوم؟.
سوف نتجاوز عن هذه وتلك، ونبدأ من أول السطر.
التزامكم بشرعية «التكليف الرئاسى» يفقدكم كل شرعية لإدارة البلاد، حتى وإن تمسكتم بها، فصاحب التكليف –أولا- سبق وتعهد أن يبقى فى السلطة حتى أخر نفس فى حياته، وأظنكم تعرفون أين هو الآن، وتعرفون أيضا أن الشعب الذى أسقطه كسر حاجز الخوف، ويمكنكم العودة، إن أردتم، إلى تجربة الأمن المركزى، وصاحب التكليف –ثانيا- رجل ليس فوق مستوى الشبهات، شبهات الفساد والاستبداد، أقول (ليس فوق مستوى الشبهات) التزاما منى بحياد سخيف وموضوعية خرقاء، لأن محاكمته مازالت متعثرة، وتعرفون تماما من يتحمل مسئولية هذا التعثر، وأظن أنه لا يشرفكم كثيرا أن تديروا شئون البلاد بشرعية تكليف من رجل بهذه المواصفات، ثم أن شرعية «التكليف الرئاسى» هى شرعية ساقطة منذ لحظة صدورها، فالمخلوع قرر التنحى أولا ثم أصدر التكليف، فى جملة لاحقة، وتعرفون جيدا أنه بعد التنحى عن السلطة لا يعود له الحق فى اختيار، فضلا عن «تكليف»، من يدير شئون البلاد.
ومع ذلك فلئن اخترتم العمل بشرعية «التكليف الرئاسى» فلكم هذا وعليكم أن تواجهوا المصير الذى يقرره لكم الشعب.
أما إن اخترتم «شرعية الثورة» فهذا يعنى ببساطة أن عليكم تنفيذ الإرادة الشعبية وفقط، «شرعية الثورة» تعنى أن الثوار يأمرون وما عليكم سوى التنفيذ، وفى هذا السياق كان ملفتا أن يرحب مجلسكم بمظاهرات 27 مايو الماضى، حتى «تتعرفون على مطالب الشباب»، وهو ما يعنى أنكم، وبعد ثلاثة شهور ونصف من استلامكم السلطة فى 12 فبراير، ما زلتم لا تعرفون ما هى مطالب الشباب؟ ثم يطلع علينا مجلسكم الموقر الآن، والثورة فى شوارع وميادين مصر تطرح مطالبها من جديد، ليؤكد التزامه «بما قرره فى خطته لإدارة شئون البلاد خلال الفترة الانتقالية» وأنه «لن يتخلى عن دوره فى إدارة شئون البلاد فى هذه المرحلة الفارقة من تاريخ مصر على النحو الذى عبرت عنه جماهير الشعب».
جماهير الشعب فى الشارع الآن، من قنا وأسيوط والمنيا، حتى السويس والإسكندرية والمحلة، والمطالب مطروحة وواضحة، لا تحتمل تسويف أو تأجيل، إما أن تقبلوا بها، فتؤكدون –عمليا- التزامكم بشرعية الثورة، أو أن تعلنوا التزامكم بشرعية من كلفكم إدارة شئون البلاد.
لكم –يا سيادة المشير- مطلق الحرية أن تختاروا ما شئتم من شرعية، لكن عليكم أن تعرفوا جيدا أن الثورة لها الكلمة العليا… والأخيرة.

No comments:

Post a Comment