Wednesday 20 July 2011

شابتاى زيفي "مسيح" اليهود الذي اعتنق الإسلام ! حامي حمى باب القصر

حامي حمى باب القصر
لم تكن فكرة الخلاص في بدايتها عند اليهود مرتبطة بشخصية المسيح المخلص , و إنما كان " المسيح " هو لقب من ألقاب الملوك القدماء لم تكن كلمة المسيح في أصلها من اللغات السامية و لم يعرفها أبناءإسرائيل في المراحل الأولى من تاريخهم و إنما هي كلمة مصرية الأصل . فقد كان المصريون يدهنون الملك عند تنصيبه بالزيوت و العطور قبل جلوسه على العرش و من ضمن ذلك كانوا يدهنونه بزبد التمساح - و هي عادة ما تزال موجودة في بلاد النوبة حتى اليوم - لاعتقادهم بأن هذا سيجلب له سلالة قوية . و كان الملك الجديد يتلقى لقب " مسيح " من بين ألقابه , ذلك أن التمساح بالمصرية القديمة كان يسمى مسح و كان اللقب الملكي يكتب باستعمال تمساحين لينطق مسيح و حتى الكلمة الدالة على عملية الدهن بالزيوت " مسح " اشتقت من اسم التمساح المصري و على هذا كانت كلمة مسيح عند بدايتها تعني ملك و كانت لقباً يطلق على كل الملوك المصريين . 
ثم بدأ كتّاب العهد القديم(التوراة المحرفة ) من العبرانيين يستخدمون هذه الكلمة للدلالة على ملوك بني إسرائيل , بداية من شاؤول و داوود في القرن العاشر قبل الميلاد و لم يرتبط لقب " المسيح " بدور " المخلص " - أي الذي يدعو الناس إلى التوبة و يعدهم بالحياة الأبدية في مملكة الرب - إلا بعد أن رفض بنو إسرائيل الاعتراف أن عيسى عليه السلام هو مسيحهم أي ملكهم ( لاحظ هنا أن إقامة دين الله تقتضي أن يكون النبي في الحكم , و هذا عكس ما تبدو عليه النصرانية اليوم بعد تحريفها حيث صارت تدعو الإنسان ليصبح خروفاً بين يدي حكام النصارى - فمن ضربك على خدك الأيمن ادر له خدك الأيسر , لكن تعاليم التسامح هذه تنقلب عندما تكون الحرب صليبية على المسلمين ! ) .
و لم يرد ذكر ليوم القيامة و الحياة بعد الموت في التعاليم اليهودية التي وصلتنا و التي اكتفت بالحديث عن وحدانية الرب . و هكذا ينكر كهنة اليهود وجود حياة بعد الموت ( و هذا أهم أسباب جبنهم و تعلقهم الشديد بالدنيا ) و كان اليهود ينتظرون قدوم المسيح على أنه الملك الممسوح الذي سينصرهم على أعدائهم و يجعلهم شعب الله المختار فيحكمون العالم تحت قيادته . و في العبرانية يستخدم التعبير ( هاميليخ هامشيح ) pastedGraphic.pdf ( الملك الممسوح ) للدلالة على المسيح الذي ينتظره اليهود و هم يقولون أنه سيكون من سلالة داوود . 
و في القرون الوسطى بعد أن تم طرد اليهود من الأندلس بعد خروج المسلمين منها , و في وقت لم تكن هناك قيادات موحدة ليهود الطوائف المنتشرة في معظم بلاد العالم بدأ الشعور بضرورة أن يجتمع اليهود تحت قيادة واحدة من بينهم و يتحررون من سيطرة الغير عليهم . و في هذه الظروف ظهرت موجة كبيرة معادية لليهود في روسيا و بولندا عندما قام الروس بزعامة خميلنيتسكي بمذبحة لليهود الأشكناز راح ضحيتها عشرات الألوف في أوكرانيا و بولندا في عام 1648 م و استمرت عشر سنوات . 
و قد سيطر على الفكر اليهودي في تلك المرحلة مذهب دعا له إسحاق لوريا يدعو اليهود للصلاة من أجل مجيء الخلاص و ركز أهل هذا المذهب \ يدعى مذهب القبالة \ على سلوك الزهد و التأمل و كانوا يعتقدون بضرورة مجيء المسيح المخلص و هم يعملون بتعبدهم على الإسراع بقدومه و من أتباع هذه الطائفة ظهر " شبتاى زيفي " الذي أصبح خلال سنوات أمل كل يهود العالم بالخلاص . 
ولد زيفي في مدينة إزمير عام 1626 م لعائلة من التجار الأغنياء , و لم يتبع طريق التجارة و الأعمال الذي ولد فيه و إنما لجأ إلى الدراسة و التأمل ,فدرس التلمود و فلسفة القبالة و أصبح حاخاماً عندما بلغ سن الثامنة عشرة , و كانت له شخصية جذابة و قدرة على التأثير على الآخرين . عاش صباه في مجتمع الدولة العثمانية , في عزلة و تأمل يصارع قوى الشيطان و كان يقوم بطقوس للعبادة ليس لها أصل في التقاليد اليهودية و قد تخالفها أحياناً , و شجع ظهور زيفي في إزمير توقعات الخلاص عند اليهود , و كان هناك اعتقاد سائد آنذاك يقول أن ظهور المسيح المخلص سيتم في عام 1666 م , و أعلن زيفي أنه هو المسيح المنتظر الذي يده الخلاص و أعلن نفسه مسيحاً عام 1648 م , بعد سماع أخبار مذابح اليهود في شرق أوربا و قال أن هذا الأمر أوحي إليه من الروح الإلهية ,و غضب أحبار طائفة إزمير على زيفي , قام معلمه الحبر جوزيف اسكابا رئيس الطائفة اليهودية في إزمير بإعلان شابتاي خارجاً عن التعاليم اليهودية - بعد أن تم جلده تاديباً و لم يرتدع - و طرد من الطائفة , و طلب من اليهود عدم التعامل معه , فسافر إلى بلاد اليونان في سالونيك مدة طويلة ثم انتقل إلى أثينا و الإسكندرية (1662) والقاهرة و زار القدس عام 1665 م و تبعه عدد كبير من اليهود إليها , و عند عودته من القاهرة إلى فلسطين قابل الحبر ناثان في غزة الذي أعلن أنه تلقى رؤيا جاء فيها أن شابتاى هو المسيح إسرائيل . 
و كان لإعلان ناثان الغزاوي - الذي كان اليهود يعتقدون بقدرته على معرفة الأسرار - بأن زيفي هو المسيح اليهودي الموعود أثر كبير على حركة الشباتيين في شباط 1665 م و زاد قناعتهم بأن زيفي هو المسيح الذي ينتظره اليهود و الذي تنبأ البعض من قبل أنه سيأتي عام 1666 م وبدأ الاعتقاد ينتشر ليس فقط بين عامة اليهود بل بين الأحبار كذلك بأن زيفي هو المسيح المنتظر , و اختار زيفي من بين أتباعه أثني عشر حوارياً ليمثلوا أسباط بني إسرائيل . 
و في حزيران 1665 م طاف زيفي و هو على صهوة حصانه حول مدينة القدس سبع لفات بينما كان أتباعه و الأحبار يسيرون في موكبه , و أعلن ثانان الغزاوي ضرورة توبة اليهود لتسهيل قدوم الخلاص و سرعان ما وصلت الأخبار إلى جميع أنحاء المعمور تبلغ الطوائف اليهودية عن عظمة المسيح و حلول وقت التوبة و الخلاص . و انتشرت الروايات و أساطير الشعبية عن زيفي و كيف أنه بعد فترة من الزمن سيجلس على عرش السلطان و يصبح مسيح اليهود سلطاناً على العالم و يضع التاج على رأسه عام 1666 م بحسب ما قالت التنبؤات . و عاد مسيح اليهود إلى بلدته إزمير و استقبلته جماهير اليهود و أحبارهم في الطريق بفرحة و حماس و تجمع حوله عدد كبير من أتباعه بحماس شديد مما جعل القلق يساور السلطات العثمانية . 
و في صلاة السبت امتنع الأحبار عن الدعاء للسلطان التركي ! و جاء دعاؤهم إلى زيفي المسيح الملك و خلال احتفال ساده الرقص و الغناء و حلت في الفرحة قام الملك الجديد بتوزيع ممالك الأرض على من تبعه من اليهود و أن عين وزراء و كبار رجال دولته الجديدة و قادهم بعد ذلك الحفل المشهود في رحلة إلىاستنطنبول في أواخر كانون الأول 1665 م و سلم نفسه مع أتباعه وعندما استدعاه السلطان العثماني محمد الرابع إلى مجلسه أعلن شابتاى زيفي إسلامه في 15 \ أيلول \ 1666 م واتخذ اسم عزيز محمد أفندي فسر منه السلطان و أعطاه وظيفة شرفية على أنه حامي حمى باب القصر و منحه معاشاً و سرعان ما تبعه عدد كبير من تلاميذه الذين اعتنقوا الإسلام ( ظاهراً ) و غيروا أسمائهم إلى أسماء إسلامية و لكنهم ظلت لهم أسماؤهم اليهودية و عقيدتهم اليهودية الخبيثة سراً و ظلوا على اعتقادهم بأن شابتاى هو و مسيحهم و الذين يعرفون باسم ( يهود الدونمه ) أي المرتدين .
و واصل الحبر اليهودي ناثاي الغزاوي - الذي ظل يلتقي بزيفي - القول و التأكيد لليهود بأن شابتاي مازال مسيح اليهود رغم إسلامه . 
و كان شايتاى يمارس الشعائر الإسلامية إلى جانب بعض الشعائر اليهودية و كان يدعو اليهود إلى دخول الإسلام وسرعان ما انتشر مذهب الشباتيين انتشاراً واسعا بين اليهود في جميع أنحاء المعمورة و وجد له أتباعاً من الطوائف اليهودية منالقاهرة إلى هامبرغ و من سالونيك إلىاليمن و من بولندا إلى بلاد فارس . 
و كانت تلك بداية النهاية للخلافة الاسلامية و الإمبرطورية العثمانية .

No comments:

Post a Comment